تعدد الإختيارات للإنسان

 سنة 2004، عالم النفس الأمريكي Barry Schwartz عمل كتاب أسمه

(The paradox of choice - Why more is less)

وأتكلم في كتابه ده عن العبء الخفي اللي بتسببه تعدد الإختيارات للإنسان، واللي كان عكس المعروف عند ناس كتير متخيله إن كل ما إختيارات الإنسان في الحياه ما تزيد، كل ما فرصته علي الإختيار والإستمتاع بيها تزيد..


Barry Schwartz

قال في كتابه الكلام ده مش صحيح وسمي الموضوع ده بالـThe Tyranny of Choice (خيانة الإختيار)


ببساطه Schwartz شايف إن الإنسان كل ما تعامل مع حياته، إن فيه حاجات كتير ممكن يختار منها، كل ما عبء تحديد الأفضل بالنسبه له زاد وهو مش واخد باله، وده تلقائياً بيزيد معاه فكرة التضحيه بفرص أكتر! بمعني، أنت رايح تشتري موبايل وقدامك 10 إختيارات، وكل موبايل فيه المميزات والعيوب اللي بتخصه، هنا فيه ألم ناتج عن الإختيار أقوي من إنك تختار ما بين 3 موبايلات! لأن في الـ10 موبايلات فرصة إنك تختار الأفضل بتوسع منك، علي عكس الـ3 موبايلات!! حاجه تاني في الـ10، أنت هتضحي بـ9 موبايلات مش هتشتريهم، أما في مثل الـ3 هتضحي بموبايلين بس!


ساعات كتير بنتخيل إن كل ما الإختيارات كترت قدامنا، كل ما إرتاحنا وإتبسطنا وإحنا بنختار، وده للأسف مش حقيقي.. فكرة الإختيار في حد ذاتها هي الوش التاني للتضحيه.. عارف لما تكون بتركن عربيتك وتلاقي مكان ركنه بس بعيد شويه عن المكان اللي أنت رايحه.. لو أنت ماعندكش في دماغك فكرة إنك يمكن لو مشيت كمان خطوتين يمكن تلاقي مكان أفضل، عمرك ما تسيب المكان ده.. المشكله إن البحث عن الفرصه المثاليه بيخلينا نضحي بفرص يمكن كانت هي وقتها المثاليه! وفعلاً تضحي بمكان الركنه دي وتفضل تلف وتلف ولما ماتلاقيش، ترجع عشان تركن في المكان اللي أنت سيبته في الأول، والصدمه، إنك تلاقيه اتأخد!! وعشان كده كان فيه حكمه جميله بتتكلم عن الموضوع ده بتقول :

"عندما تحن الفرصه، تشكل عدم المساومه جزء من فن التعايش!" 


مشكلة الإنسان الأزليه هي إنه مش بيعرف أمتي يحدد الفرصه المناسبه.. بيعيش في وهم إن يمكن مش ده الإختيار المناسب، لأ ده فيه أفضل.. أو يمكن دي أفضل إختيار، ويكون فيه الأحسن! بمعني، أشتغل في الشغلانه دي ولا أستني شويه؟ أدخل الكليه دي ولا الكليه التانيه؟ هي دي أكتر إنسانه مناسبه ليا ولا مش هي؟ ونفضل نقنع نفسنا بفرص وهميه أو نضيع علي نفسنا فرص حقيقيه.. 


في علم الأقتصاد، فيه حاجه أسمها الـOpportunity cost (تكلفة الفرصه الضائعه)، واللي بتناقش فكرة إن ساعات كتير الإنسان ممكن يتنازل عن حاجه هو شايفها فرصه دلوقتي في مقابل فرص أفضل منها في المستقبل.. مشكلة تكلفة الفرصه الضائعه، إنها مهما كانت مبنيه علي دراسات أو أبحاث، أو عن أرقام وحقايق، فيه نسبه ولو بسيطه معتمده علي فرضيات في المستقبل ممكن تتغير في أي لحظه.. عامل الغيب بيأثر بشكل مريب في الموضوع ده، وعشان كده ساعات بيكون صناعة الفرصه أهم بكتير من إنتظارها..

"فالشخص الحكيم هو من يصنع الفرص أكثر مما يجدها" - فرانسيس بيكون


أصنعوا فرصكوا يا أخوانا.. عشان مافيش فرصه بتصنع نفسها.

____


#سيكولوجي

محمد إبراهيم

مدرب الصحة النفسية 

متخصص في التحليل النفسي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة نجاح صاحب محلات زارا أغنى رجل في العالم

إذ ا لم يعجبك هذا الأمر ارحل فورا وكن أنت مدير نفسك

الفشل وسيلة للتعلم